يكون عين النهي عن ضده العام إلا بناء على تفسيره بطلب ترك نقيضه كما هو المشهور ولكن هذا التفسير خاطئ جدا أما أولا فلأنه خلاف المتفاهم العرفي لأن المتفاهم منه عرفا الزجر والمنع المساوق للحرمة.
وثانيا أن هذا التفسير لا ينسجم مع ما هو واقع النهي وحقيقته وروحه وهو المفسدة الملزمة القائمة بمتعلقه فإنها تدعو المولى إلى النهي والزجر عنه والمنع من إيجاده في الخارج ولا تدعو إلى طلب تركه لأن الطلب ناشئ عن مصلحة في متعلقه والمفروض أنه لا مصلحة فيه والمفسدة في الفعل لا تتطلب ذلك وإنما تتطلب الزجر عنه، تحصل أن القول بالعينية لا يرجع إلى معنى محصل.
وأما القول الثاني: وهو القول بالتضمن والجزئية فلا أساس له إلا دعوى أن الوجوب ينحل إلى اعتبارين:
اعتبار طلب الفعل واعتبار المنع من الترك.
ولكن هذه الدعوى خاطئة جدا وذلك لأنه إن أريد بذلك أن الوجوب مركب من اعتبارين:
أحدهما بمثابة الجنس والآخر بمثابة الفصل.
فيرده أن الوجوب أمر اعتباري وهو بسيط ولا يتعقل له الجنس والفصل وإن أريد بذلك أن المولى إذا أمر بشئ فقد أنشأ أمران:
أحدهما: طلب الفعل.
والآخر: المنع من الترك.
فيرده أن الأمر لا يدل على المنع من الترك لا مادة ولا هيئة لا بالمطابقة ولا بالتضمن والالتزام وإنما يدل على الطلب المولوي المساوق للوجوب.
نعم إذا أمر المولى بشئ فالعقل يحكم بالمنع عن تركه لا المولى.