التعليلية يدعو المولى إلى إيجابها والحاصل أن الجهات التعليلية في الأحكام الشرعية غير الجهات التقييدية فإن الأولى خارجة عن متعلقات الأحكام الشرعية قيدا وتقيدا والثانية داخلة فيها تقيدا وإن كانت خارجة عنها قيدا وهذا بخلاف الأحكام العقلية فإن الجهات التعليلية فيها هي الجهات التقييدية فلا تكون مختلفة عنها لأنها نفس عناوين موضوعاتها بلا فرق في ذلك بين الأحكام العقلية النظرية والأحكام العقلية العملية.
وإن شئت قلت: إن الحيثيات التعليلية في الأحكام العقلية عناوين لموضوعاتها فإذا حكم العقل باستحالة شئ للدور أو التسلسل أو اجتماع النقيضين فالمطلوب الجدي والموضوع الحقيقي للحكم العقلي نفس هذه العناوين من الدور أو التسلسل أو اجتماع النقيضين وهذا معنى أن الحيثية التعليلية فيها راجعة إلى الحيثية التقييدية التي هي الموضوع في الحقيقة وكذا حكم العقل بحسن ضرب اليتيم للتأديب فإن الموضوع الحقيقي لحكم العقل نفس التأديب دون الضرب وفي المقام حيث إن مطلوبية المقدمة لم تكن لذاتها بل لحيثية مقدمتيها والتوصل بها فبطبيعة الحال يكون المطلوب الجدي والموضوع الحقيقي للحكم العقلي نفس التوصل هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن الواجب سواء كان تعبديا أم كان توصليا فلا تقع على صفة الوجوب ومصداقا للواجب بما هو واجب إلا إذا كان المكلف إتيانه عن قصد وعمد لوضوح أن الأمر تعبديا كان أم توصليا لا يتعلق إلا بالفعل الاختياري فالغسل إذا صدر من شخص بدون اختيار فهو وإن كان مطابقا لذات الواجب ومحصلا لغرضه ولكنه لا يقع على صفة الوجوب ومصداقا للواجب بما هو واجب بل يستحيل أن يتعلق الوجوب بالفعل غير الاختياري حتى يقع مصداقا له وعلى هذا فاعتبار قصد التوصل في وقوع المقدمة على صفة الوجوب مطلقا إنما هو من جهة أن المطلوب الحقيقي بحكم