نعم مع عدم علم العبد لا يتصف هذا التصرف بالقبح مثل سائر القبائح العقلية، فالتصرف في أموال الناس وأعراضهم وقتل النفس وغيرها - مما هي قبيحة عقلا ومحرمة شرعا - يكون قبحها الفاعلي عند علم الفاعل، لكن الحرمة الشرعية متعلقة بنفس العناوين الواقعية، ويكون العلم طريقا إليها، فالعقل يدرك مفسدة هذه العناوين الواقعية، كما أنه يدرك مفسدة إدخال ما ليس في الدين فيه وإخراج ما هو منه عنه، والحرمة الشرعية أيضا متعلقة بهذا العنوان، وإنما العلم طريق إليه كما في سائر الموارد، ولا ريب في أن لهذا المعنى واقعا قد يصيبه المكلف وقد لا يصيبه.
وأما القول بغير علم فهو عنوان برأسه في مقابل هذا العنوان، وفي مقابل عنوان الكذب الذي هو الإخبار المخالف للواقع.
والحاصل: أن هاهنا ثلاثة عناوين كلها محرمة شرعا بعناوينها:
التشريع، والكذب، والقول بغير علم، فإذا صادف القول بغير علم التشريع أو الكذب، ينطبق عليه العنوانان واقعا، لكن خطابي التشريع والكذب قاصران عن شمول مورد الشك، لأن الشبهة مصداقية للعام كما هو واضح.
تتمة في جريان استصحاب عدم الحجية عند الشك فيها قد عرفت أن الأصل: عدم حجية الأمارات عند الشك في اعتبارها، وقد يقرر الأصل بوجه آخر: وهو استصحاب عدم الحجية.