ثم لو فرضنا أن سيرة العقلاء قد استقرت على ذلك، فلابد لنا من الالتزام بكون الاستصحاب من الأمارات والطرق العقلائية، فإنه ليس للعقلاء أصل تعبدي أو تنزيلي، وليس ما عندهم إلا الطرق والأمارات، لا الأصول التعبدية، كما لا يخفى على من مارس طريقتهم، مع أن هذا المحقق قائل بأصلية الاستصحاب (1).
وبالجملة: أن الاستصحاب وإن كان له جهة كشف ضعيف، لكن لا بنحو يكون العقلاء مفطورين على العمل به، كما في العمل باليد وخبر الثقة.
في أن المستفاد من الكبرى المجعولة في الاستصحاب هو الطريقية فتحصل مما ذكرنا: أن الجهتين من الجهات الثلاثة التي تتقوم الأمارة بها متحققتان في الاستصحاب، وبقيت الجهة الثالثة - وهي العمدة - حتى ينخرط في سلك الأمارات لكن بجعل الشارع، وهي كون اعتباره بجهة الكاشفية، وأن عناية الجاعل في جعله هي [اعتباره] علما في عالم الشارعية [وإضفاء] جهة الكشف والطريقية له، ولو تمت هذه الجهة لتمت أمارية الاستصحاب، ويكون له ما للأمارات من الآثار واللوازم، والفرق أنه أمارة جعلية شرعية غير عقلائية، وهي أمارات عقلائية غير مجعولة بجعل شرعي، ولو ساعدنا الدليل لم نتحاش عما ذهب إليه المحققون وأساطين الفن من المتأخرين من