وفيه: أن هذا خلط غير مفيد، فإن معنى كون الإرادة مرادة بنفس ذاتها أنها مصداق المراد بنفس ذاتها، أي بلا جهة تقييدية، بناء على عدم أخذ الذات في مفهوم المشتق، لا أنها محققة نفس ذاتها ولا يكون لها جهة تعليلية، وما يكون منشأ الإشكال في المقام هو مسبوقية الإرادة بعلة غير إرادية للفاعل، فلا يحسم بما ذكر مادة الإشكال، بل هو كلام إقناعي.
في معنى البعد والقرب والإيراد على المصنف قوله: إن حسن المؤاخذة والعقوبة إنما يكون من تبعة بعده... إلخ (1).
لا يخفى أن القرب والبعد بالنسبة إلى الله - تعالى - قد ينتزعان من كمال الوجود ونقصه، فكلما كان في وجوده ونعوت وجوده كاملا تاما يكون قريبا من مبدأ الكمال ومعدن التمام، كالعقول المجردة والنفوس الكلية، وكلما كان ناقصا متشابكا بالأعدام ومتعانقا بالكثرات يكون بعيدا عن المقام المقدس عن كل عدم ونقص وقوة واستعداد، كالموجودات المادية الهيولانية.
فالهيولي الأولى الواقعة في حاشية الوجود - حيث كان كمالها عين النقص، وفعليتها عين القوة - أبعد الموجودات عن الله تعالى، والصادر الأول أقرب الموجودات إليه تعالى، والمتوسطات متوسطات.
وهذا القرب والبعد الوجودي لا يكونان مناط الثواب والعقاب بالضرورة، ولعله - قدس سره - يعترف بذلك.