فيكون الالتزام والتعبد والتدين بعمل لا يعلم التعبد به من الشارع موجبا لانقلاب العمل عما هو عليه، وتطرأ عليه بذلك جهة مفسدة تقتضي قبحه عقلا وحرمته شرعا (1) - من عجيب الاستدلال، فإنه استنتج من مجرد إمكان المقدمة فعلية الحكم. هب أن طريان العناوين على شئ مما يمكن أن يغير جهاته، فبأي دليل تكون هذه العناوين كذلك؟!
مضافا إلى ممنوعية تغير جهات الأفعال فيما نحن فيه بواسطة عنوان آخر مغاير له، فما هو القبيح المحرم هو عنوان الالتزام والتعبد بما لا يعلم، ونفس الالتزام بشئ لا يوجب قبح ذلك الشئ، كما أن نفس الافتراء على الله كذبا لا يوجب قبح متعلقه كما لا يخفى، ومجرد كون القصد في بعض المقامات مغيرا للجهات لا ينتج كونه مغيرا فيما نحن فيه، فالكبرى - أيضا - ليست كلية.
وأعجب منه الاستدلال على الحرمة بقوله: (رجل قضى بالحق وهو لا يعلم) (2)، لدلالته على حرمة القضاء واستحقاق العقوبة عليه، فيدل على حرمة نفس العمل (3)، فإن حرمة القضاء والإفتاء بغير علم وكذا حرمة القول بغير علم ثابتة بلا إشكال وكلام، وليس النزاع فيها، إنما الكلام في متعلقاتها لافي نفس عناوينها كما لا يخفى.
الجهة الرابعة: قد عرفت في أول المبحث: أن التشريع - أي إدخال