الانتفاع بالشرائع والمواعظ لا يجتمع مع ذاتية الاختيار والسعادة والشقاوة، فهل يمكن أن يصير الإنسان حمارا أو إنسانا أو الحمار إنسانا أو حمارا بالوعظ والإنذار؟!
وإني لأظنك لو كنت على بصيرة مما أوضحنا سبيله وأحكمنا بنيانه، لهديت إلى الصراط المستقيم، فاستقم وكن من الشاكرين.
في معنى قوله: (السعيد سعيد...) و (الناس معادن) فإن قلت: فعلى ما ذكرت من البيان، فما معنى قوله: (السعيد سعيد في بطن امه والشقي شقي في بطن امه) (1)، وقوله: (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة) (2)؟
قلت: أما قوله: (الناس معادن) بناء على كونه رواية صادرة عن المعصوم - عليه السلام - فهو من مؤيدات ما ذكرنا، من أن اختلاف أفراد الناس من جهة اختلاف المواد الغذائية الموجبة لاختلاف المواد المنوية القابلة لإفاضة الصور والأرواح عليها، فكما أن اختلاف الذهب والفضة وجودا يكون باختلاف المواد السابقة والأجزاء المؤلفة والتركيبات والامتزاجات المختلفة وكيفية النضج والطبخ - كما هو المقرر في العلوم الطبيعية - كذلك أفراد الإنسان تختلف باختلاف المواد السابقة كما عرفت.