اللهم إلا أن يقال: إن في تلك القضايا المظهرة بصورة الترديد ينشئ المتكلم حقيقة الترديد في النفس، ويصير مرددا جعلا واختراعا، وهو كما ترى.
فتحصل: أن جعلية هذه الأوصاف النفسانية مما لاوجه صحة لها.
المطلب الثاني جريان الأصول لا يدفع الالتزام بالحكم الواقعي بناء على ما ذكرنا من كون الموافقة الالتزامية من الملتزم بالشريعة والمؤمن بها من الأمور القهرية الغير الاختيارية، لا الجعلية الاختيارية، تكون الموافقة الالتزامية على طبق العلم بالأحكام وتابعة له كيفية وكمية، فإن كان العلم متعلقا بحكم تفصيلا يتعلق الالتزام به تفصيلا، وإن كان متعلقا إجمالا يكون الالتزام إجماليا، ففي دوران الأمر بين المحذورين - الذي يكون العلم بنحو الترديد والإجمال في المتعلق - يكون الالتزام به أيضا كذلك، فلو بنينا على جواز جعل حكم ظاهري في مورد الدوران بين المحذورين يكون الالتزام على طبق الحكم الظاهري، أي كما أنه يجوز جعل الحكم الواقعي والظاهري في موضوع بعنوان الذات والمشكوك - مثلا - ويكون تعلق العلم بهما مما لا مانع منه، كذلك الالتزام يكون على طبقه، أي التزام بحكم واقعي والتزام بحكم ظاهري بلا تناف بينهما، فجريان الأصول فيه مما لا مانع منه من قبل لزوم الالتزام، كما أن جريانها لا يدفع الالتزام بالحكم الواقعي، لأن جريانها في طول