في الإيراد على القائلين بكون التجري من المباحث الأصولية إذا عرفت ذلك: فاعلم أن مسألة التجري لم تكن من المسائل الأصولية، ولا وجه لإدراجها فيها إلا وجوه ذكرها المحققون، والكل منظور فيها.
منها: ما تسالموا عليه من أن البحث إذا وقع في أن ارتكاب الشئ المقطوع حرمته هل هو قبيح أم لا؟ يندرج في المسائل الأصولية التي يستدل بها على الحكم الشرعي (1).
وفيه: أن قبح التجري كقبح المعصية وحسن الإطاعة وقع في سلسلة المعلولات للأحكام الشرعية، فلم يكن موردا لقاعدة الملازمة على فرض تسليمها، فلو سلمنا قبح التجري فلا يستنتج حكم شرعي البتة.
وأيضا يلزم بناء عليه أن يكون في المعصية معصيتان وفي الإطاعة طاعتان:
إحداهما: المعصية والإطاعة الآتيتان من قبل نهي المولى وأمره.
والثانية: ما يستكشف بالملازمة لقاعدتها.
ولاوجه لتخصيص القاعدة العقلية بالتجري والانقياد، وسيأتي فيما بعد (2) عدم الفرق بين العاصي والمتجري من حيث التجري على المولى.