الواقعية. هذا إذا قلنا ببقاء الأحكام على فعليتها بعثا وزجرا.
وأما مع التنزل عنها وصيرورتها إنشائية أو فعلية بمرتبة دون تلك المرتبة - كما عرفت (1) - فلا مضادة بينها وبين الأحكام التكليفية الظاهرية، فلاوجه لإتعاب النفس والالتزام بأمور لم يكن لها عين ولا أثر في أدلة اعتبار الأمارات، وإنما هي اختراعات نشأت من العجز عن إصابة الواقع.
ومما ذكرنا يعرف النظر في كلام المحقق الخراساني (2) - رحمه الله - حيث ظن أن المجعول قي باب الأمارات - إذا كان الحجية غير مستتبعة لإنشاء أحكام تكليفية - يحسم مادة الإشكال مع أنه بحاله.
كما أن الجمع على فرض الحكم التكليفي بما أفاد من كون أحدهما طريقيا والآخر واقعيا (3) مما لا يحسم مادته، فإنه مع فعلية الأحكام الواقعية لا يمكن جعل الحكم الطريقي المؤدي إلى ضدها ونقيضها، كما هو واضح بأدنى تأمل.
وبالجملة: لا محيص - على جميع المباني - عن الالتزام بعدم فعلية الأحكام بمعناها الذي بعد العلم كما عرفت.
ثم إن المحقق المعاصر المتقدم - قدس سره - قال في باب الأصول المحرزة ما حاصله: إن المجعول فيها هو البناء العملي على أحد طرفي الشك على أنه هو الواقع، وإلقاء الطرف الآخر وجعله كالعدم، ولأجل ذلك قامت مقام القطع