المأمور به، وإن رجع إلى التصرف في كيفية الإطاعة بلا تقييد في ناحية المأمور به، فليس له ذلك، فإنه مخالف صريح حكم العقل، وتصرف فيما يستقل به، والظاهر وقوع الخلط بين التصرفين كما يظهر من مثاله.
وأما قضية قاعدة الفراغ والتجاوز وأمثالهما، فلا بد من الالتزام بتقبل الناقص بدل الكامل، ورفع اليد عن التكليف هو لمصلحة التسهيل وغيرها، وإلا فمع بقاء الأمر والمأمور به على حالهما لا يعقل جعل مثل تلك القواعد، ففيها أيضا يرجع التصرف إلى المأمور به، لا إلى كيفية الإطاعة.
ثم إنه لو استقل العقل بشئ في كيفية الإطاعة فهو، وإلا (1) فالمرجع أصالة الاشتغال، لأن الشك راجع إلى مرحلة سقوط التكليف بعد العلم بثبوته وحدوده.
وأما ما في تقريرات المحقق المتقدم (2) رحمه الله من أن نكتة الاشتغال فيه هو رجوع الشك إلى التعيين والتخيير فهو تبعيد المسافة، مع أن الشك في التعيين والتخيير ليس بنحو الإطلاق مجرى الاشتغال، بل فيه تفصيل موكول إلى محله (3).
وبالجملة: ميزان البراءة والاشتغال هو رجوع الشك إلى مرحلة الثبوت والسقوط، والشك في التعيين والتخيير - أيضا - لابد وأن يرجع إلى