فلا موضوع لأصل الحلية والإباحة، فإن معنى الحلية والإباحة عدم الإلزام في طرفي الوجود والعدم، وهذا ليس بمشكوك بل معلوم.
وأما أصالة البراءة - التي مستندها دليل الرفع والتوسعة - فالظاهر جريانها في طرفي الوجود والعدم، وتساقطهما بالتعارض أو بواسطة العلم بالخلاف.
ولو قلنا بعدم الجريان فإنما هو بواسطة العلم بالخلاف، وهذا مناقضة بالعرض ومن باب الاتفاق، لا مناقضة في مفاد الدليل والجعل، لأن الرفع والتوسعة في كل طرف لا يكون مفادها التوسعة والرفع في الطرف الآخر، حتى يناقض جنس التكليف المعلوم، فموضوع الأصل الذي هو الشك في نوع التكليف محقق في كل واحد من الطرفين في حد نفسه.
الإشكال على بعض محققي العصر وما أفاد بعض مشايخ العصر - قدس سره - على ما في تقريراته (1) - من أن المحذور في جريان البراءة الشرعية هو أن مدركها قوله: (رفع ما لا يعلمون) (2)، والرفع فرع إمكان الوضع، وفي مورد الدوران بين المحذورين لا يمكن وضع الوجوب والحرمة كليهما، لاعلى سبيل التعيين ولاعلى سبيل التخيير، ومع عدم إمكان الوضع لا يعقل تعلق الرفع، فأدلة البراءة الشرعية لا تعم المقام.