والتعبد بالبناء عملا على طبق مفادها، فكما أن مفاد أدلة أصالتي الطهارة والحلية - من قوله: (كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر) (1) و (كل شئ لك حلال) (2) - هو التعبد عملا بالطهارة والحلية، أي ترتيب آثار الطهارة والحلية على المشكوك فيه عملا، كذلك مفاد أدلة الفراغ والتجاوز - أيضا - هو التعبد بترتيب آثار الإتيان على المشكوك فيه في الجزء والشرط، وعدم إتيان مشكوك المانعية.
ومفاد أدلة البراءة الشرعية هو ترتيب آثار عدم الجزئية والشرطية والمانعية عند الشك فيها.
وكذا مفاد أدلة اعتبار الأمارات هو التعبد بترتيب آثار الواقع عملا، فإذا قام خبر الثقة على عدم الجزئية والشرطية والمانعية، فمعنى تصديقه هو ترتيب آثار تلك الأعدام، وإذا قامت البينة على طهارة شئ أو حليته، أو قامت على إتيان الجزء عند الشك فيه، فوجوب تصديقهما عبارة عن ترتيب آثار الطهارة والإتيان عملا.
وقس على ذلك كلية أدلة اعتبار الأمارات والأصول بلا افتراق من هذه الحيثية بينها أصلا. نعم الأمارات بنفسها لها جهة الكاشفية والطريقية دون غيرها، وكلامنا في دليل اعتبارها لافي مفاد أنفسها، وقد خلط كثير منهم بين المقامين والحيثيتين، فلا تغفل.