إذا عرفت ما ذكرنا، علمت توجه (1) الإشكال فيما دل من الأخبار العلاجية على تقديم بعض المرجحات على موافقة الكتاب كمقبولة ابن حنظلة (2)، بل وفي غيرها مما أطلق فيها الترجيح بموافقة الكتاب والسنة، من حيث إن الصورة الثالثة قليلة الوجود في الأخبار المتعارضة، والصورة الثانية أقل وجودا بل معدومة، فلا يتوهم حمل تلك الأخبار عليها وإن لم تكن من باب ترجيح أحد المتعارضين، لسقوط المخالف عن الحجية مع قطع النظر عن التعارض.
ويمكن التزام دخول الصورة الأولى في الأخبار التي أطلق فيها الترجيح بموافقة الكتاب، فلا يقل موردها، وما ذكر - من ملاحظة الترجيح بين الخبرين المخصص أحدهما لظاهر الكتاب - ممنوع. بل نقول:
إن ظاهر تلك الأخبار - ولو بقرينة لزوم قلة المورد بل عدمه، وبقرينة بعض الروايات الدالة على رد بعض ما ورد في الجبر والتفويض بمخالفة الكتاب (3) مع كونه ظاهرا في نفيهما -: أن الخبر المعتضد بظاهر الكتاب لا يعارضه الخبر الآخر وإن كان لو انفرد رفع اليد به عن ظاهر الكتاب.
وأما الإشكال المختص بالمقبولة من حيث تقديم بعض المرجحات على موافقة الكتاب، فيندفع بما أشرنا إليه سابقا: من أن الترجيح بصفات الراوي فيها من حيث كونه حاكما، وأول المرجحات الخبرية فيها هي شهرة إحدى الروايتين وشذوذ الأخرى، ولا بعد في تقديمها على موافقة الكتاب.