يعني بذلك تيقنوا بألفي مدجج يأتيكم، وقال عمير بن طارق.
فإن يعبروا قومي وأقعد فيكم * وأجعل مني الظن غيبا مرجما يعني وأجعل مني اليقين غيبا مرجما، قال والشواهد من أشعار العرب وكلامها على أن الظن في معنى اليقين أكثر من أن تحصر وفيما ذكرنا لمن وفق لفهمه كفاية ومنه قول الله تعالى " ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها " ثم قال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عاصم حدثنا سفيان عن جابر عن مجاهد كل ظن في القرآن يقين أي ظننت وظنوا وحدثني المثنى، حدثنا أبو داود الجبري عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كل ظن في القرآن فهو علم وهذا سند صحيح وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى " الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم " قال: الظن هاهنا يقين، قال: ابن أبي حاتم وروى عن مجاهد والسدي والربيع بن أنس وقتادة نحو قول أبي العالية، وقال سنيد عن حجاج عن ابن جريج " الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم " علموا أنهم ملاقوا ربهم كقوله " إني ظننت أني ملاق حسابيه " يقول علمت وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم " قلت " وفي الصحيح أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة " ألم أزوجك ألم أكرمك ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وترتع "؟ فيقول بلى فيقول الله تعالى " أظننت أنك ملاقي "؟ فيقول لا فيقول الله " اليوم أنساك كما نسيتني " وسيأتي مبسوطا عند قوله تعالى " نسوا الله فنسيهم " إن شاء الله تعالى.
يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين (47) يذكرهم تعالى بسالف نعمه على آبائهم وأسلافهم وما كان فضلهم به من إرسال الرسل منهم وإنزال الكتب عليهم وعلى سائر الأمم من أهل زمانهم كما قال تعالى " ولقد اخترناهم على علم على العالمين " وقال تعالى " وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى " وأني فضلتكم على العالمين " قال بما أعطوا من الملك والرسل والكتب على عالم من كان في ذلك الزمان فإن لكل زمان عالما وروى عن مجاهد والربيع بن أنس وقتادة وإسماعيل بن أبي خالد نحو ذلك ويجب الحمل على هذا لأن هذه الأمة أفضل منهم لقوله تعالى خطابا لهذه الأمة " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم " وفي المسانيد والسنن عن معاوية بن حيدة القشيري. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله " والأحاديث في هذا كثيرة تذكر عند قوله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس " وقيل المراد تفضيل بنوع ما من الفضل على سائر الناس ويلزم تفضيلهم مطلقا حكاه الرازي وفيه نظر، وقيل إنهم فضلوا على سائر الأمم لاشتمال أمتهم على الأنبياء منهم حكاه القرطبي في تفسيره وفيه نظر لان العالمين عام يشتمل من قبلهم ومن بعدهم من الأنبياء فإبراهيم الخليل قبلهم وهو أفضل من سائر أنبيائهم ومحمد بعدهم وهو أفضل من جميع الخلق وسيد ولد آدم في الدنيا والآخرة صلوات الله وسلامه عليه.
واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون (48) لما ذكرهم تعالى بنعمه أولا عطف على ذلك التحذير من طول نقمه يوم القيامة فقال: " واتقوا يوما " يعني يوم القيامة " لا تجزي نفس عن نفس شيئا " أي لا يغني أحد عن أحد كما قال " ولا تزر وازرة وزر أخرى " وقال:
" لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " وقال: " يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا " فهذا أبلغ المقامات أن كلا من الوالد وولده لا يغني أحدهما عن الآخر شيئا، وقوله تعالى