إياهم واجب، وليس هذا مثل قتل الكفار الفجار، الظلمة المفسدين في الأرض، القاتلين للمؤمنين، والآخذين لأموالهم ونسائهم وأطفالهم أسراء يزنون بهن ويلوطون بهم ويبيعونهم، ويكسرون بيضة الإسلام، ويحرقون القرآن، ويخربون المساجد، ويفعلون غير ذلك من الفحشاء والمنكر.
وبالجملة، فرق بين بين المحذورات التي أباحتها الضرورات وأوجبتها، وبين الواجبات التي [هي] حسن فقط، مثل الفرائض اليومية، والجهاد، وأداء الدين، ورفع الظلم بالوجه الأحسن، فإن الثاني حسن محض، بخلاف الأول، فإنه حسن مشوب بالقبح.
وأما حكاية الاجتماع، ففيه أن الحسن ليس إلا رفع القتل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنقاذه عنه، وهذا ليس عين الكذب، بل يحصل به وهو مقدمته، فعلى القول بأن مقدمة الواجب المطلق لا يجب أن تكون واجبا، وإيجابه ليس إيجابها، فالأمر واضح، فإن الكذب قبيح، وما يحصل به حسن، لا هو نفسه، وأحدهما غير الآخر قطعا، وعدم إمكان الامتثال لكل من التكليفين من جهة التلازم في صورة انحصار المنقذ في الكذب غير مضر، لأنه غير مكلف بهما قطعا، بل مكلف بالانقاذ خاصة.
وأما على القول بوجوب المقدمة أيضا، فوجوبها توصلي، والوجوب التوصلي يجتمع مع الحرمة قطعا ولا تضاد بينهما، كإنقاذ الغريق وإطفاء الحريق بوجه قبيح، وكقطع طريق الحج بوجه حرام، والقبح الذاتي إنما يضاد الحسن الذاتي لا التوصلي، ألا ترى أن الوضوء مستحب لنفسه وواجب لغيره، والغسل واجب لنفسه - على رأي جماعة - ومستحب لغيره، والصلاة في الحمام واجبة أو مستحبة لكنها مكروهة للغير، كما حققنا.. إلى غير ذلك، مع أن الأحكام الخمسة