بعض المواضع يكثر المارة غاية الكثرة، بحيث لو أخذ كل واحد منهم سنبلة أو حبة عنب أو تمر وأمثال ذلك ليتحقق ضرر عظيم وإفساد زائد، ففتح الباب لهم يوجب الإضرار المنفي قطعا، والفساد في الأرض المنهي عنه جزما، ويوجب اختلال نظام المعاش بالقياس إلى أرباب البساتين وأهل البلد والمارة فيهم، ولذا لو وقع ذلك من جراد أو نهب من عسكر وأمثال ذلك تخرب تلك الديار أو تشتد أحوالهم غاية الاشتداد.
فلعل ما ورد في المنع ورد بالنسبة إليها، وما ورد في الجواز ورد في القرى البعيدة عن الطرق المسلوكة كثيرا، وقلما يتحقق فيهم المارة، بل المشاهد الآن أن في أمثال المواضع لا يبيعون ولا يشترون، مدارهم على الأكل بلا عوض وعادتهم التحليل وعدم المضايقة، والله يعلم.
في بيع الحيوان قوله: هو عدم إمكان الانتفاع به، وكأنه الإجماع أيضا.. إلى آخره (1).
ففيه الضرر والغرر والسفاهة، بل ربما كان الجهالة - أيضا - في بعض المواضع.
هذا، فيما لا انتفاع فيه أصلا، أو لا يكون انتفاعه حكميا صحيحا عند العقلاء، وأما إذا كان فيه انتفاع حكمي - كما إذا أريد ذبحه، أو يكون مذبوحا وبيع حالا أو مؤجلا بأجل معين ويكون فيه الانتفاع الحكمي بعد أخذه وتسلمه، ولا يكون مقداره مجهولا بالجهل الذي يحصل به الغرر المنهي أو استحالة الانتقال - فلا