بأن القرض لغة معاملة تبرعية كالهدية والعطية، فالتأخير المعتبر فيه تضمنا أو التزاما تبرعي من تبرع ما اعتبر هو فيه، ومعنى التبرع أنه في قوة أن يقول:
عهدت ووعدت ولي أن أوفي وأن لا أوفي، فكما أن نفس التأخير تبرعي فكذا كونه إلى غاية معينة، إذ بديهي أن مجرد ذكر غاية لذلك التأخير لا يوجب تغير الدلالة والمراد من حيث اللزوم والتبرع، فلا فرق بين أن يقول: أقرضتك، وأن يقول: ملكتك وعليك عوضه وأصبر عليك في رد العوض تبرعا - قيدا للتمليك والصبر - وكذا بين أن يقول: أقرضتك إلى كذا، أو ملكتك وأصبر عليك في رد العوض إلى كذا تبرعا.
وعدم الفرق بحسب المفاد لغة، فهذا الأجل ليس بأجل حقيقة من حيث إفادته أن لي أن أوفي وأن لا أوفي.
وبالجملة، إن أردت هذا، فهذا يشيد أركان الفقهاء ويوهن استدلالك بالحديث، ويمنع احتجاجك بالعمومات، لأن الأمر بالوفاء بالعقد إنما هو على حسب ما تضمنه، وكذا العهد والوعد والشرط، بل اللازم حينئذ ما ذكره الفقهاء، لأن الطرفين أقدما عليه، فاللازم على المستقرض الرد متى طالبه المقرض.
على أنه على تقدير خلو عقد القرض عن قيد التبرع المزبور، وعدم الإفادة مطلقا بحسب اللغة، فإن حكمت بعدم التبرع شرعا أيضا مطلقا، ففساده كما ترى، مضافا إلى ما سيذكر. وإن حكمت بالتبرع وعدم اللزوم مطلقا، فهو مطلوب الفقهاء. وإن فككت (1) وفرقت بين ما إذا ذكر لتأخيره غاية وما لم يذكر، بالحكم باللزوم في الأول ودخوله تحت العمومات، وعدم اللزوم في الثاني وخروجه، فلعله تحكم بالقياس إلى العمومات، عموم ما دلت على اللزوم وعموم ما دل على