بل هي ظاهرة في عدم الاشتراط، ولو سلم فلا ظهور في الاشتراط، فلا وجه للاستدلال بوجه من الوجوه، إذ لا نزاع في الحلية والصحة إذا لم يكن شرط.
وإنما قلنا: هي ظاهرة في عدم الاشتراط، لأن قوله (عليه السلام) " خير القرض ما جر منفعة " [يعني] أن القرض من قبل نفسه يجر المنفعة، وأنه هو الجار لها، لا أن جره من قبل اشتراط المقرض وإلزامه وانتقالها إلى ملكه وكونها ملكه بمعاملة أو مشاركته، لأنه أسند الجر إلى خصوص القرض وجعل الفاعل إياه بلا مشاركة الغير.
وأما باقي الأخبار، فظهورها في عدم الاشتراط غير خفي، وفيها شهادة واضحة على أن المراد من الجر هو عدم المشارطة، وكون القرض من قبل نفسه يجر، وأخبارهم يكشف بعضها عن بعض.
وبما ذكرنا اتفقت الأخبار وتطابقت، مضافا إلى الظهور في نفسه كما أشرنا، مع أن قوله (عليه السلام): " خير القرض " ينادي بما ذكرناه، لأنه يكره على المقرض أخذ المنفعة، كما عليه الفقهاء ودل عليه الأخبار، مثل: " لا أحب أن يأخذ " (1)، وغيره مما سيجئ بعضه.
ومنه، صحيحة ابن شعيب الآتية في القرض مع السلف أنه لا يصلح إذا جر نفعا (2)، وأقل مراتب عدم الصلاح الكراهة، بل وشدة الكراهة، فمع الكراهة كيف يكون الخير أن يأخذ المنفعة؟!
ويدل على أن الأولى أن لا يأخذ منفعة قوله تعالى: * (من ذا الذي يقرض