لا الاستحباب الدال على رجحان الفعل وجواز الترك - بل هو معناه - ولو لم يجز الترك لكان واجبا لا مستحبا، ويكون العقاب على الترك وعلى استرداد العوض ومطالبته، لا اظهار ترتب الثواب خاصة من دون شائبة عقاب.
مع أنه لو كان من العقود اللازمة، لوجب على المقرض التأخير إلى وقت غير معين، لكون مقتضى العقد التأخير، كما قلت، ولعدم ذكر الأجل كما هو المفروض، فلا يجوز له المطالبة، بل ولا يجوز للمستقرض أيضا الرد قبل ذلك الوقت الغير المعين، فإما لا يجوز لهما ما ذكرنا مطلقا - بل ولا لوارثهما أيضا إلى انقراض الدنيا - وهو بديهي البطلان، أو يجوز في وقت غير معين عند الله تعالى وعندهما، وهو أيضا بديهي البطلان، بل ويلزم تحقق الانتقال في وقت خاص لا تعيين فيه أصلا - لا عند الله ولا عندهما - وهو أيضا بديهي البطلان، بل ويلزم التقاص القهري أيضا في ذلك الوقت، وهو أيضا بديهي البطلان.
وإن بني على التعيين لذلك الوقت، ففيه أنه ترجيح من غير مرجح أصلا ورأسا، وهو أيضا بديهي البطلان.
هذا كله، مضافا إلى لزوم الغرر والضرر المفسدين للمعاملة اللزومية، ومضافا إلى أنه لا يثمر سوى نزاع المتعاقدين ومخاصمتهما بنحو لا ترتفع تلك المخاصمة أصلا، و [قد] وضع الشرع لرفع التخاصم لا لوضعه.. إلى غير ذلك من مفاسد عدم التعيين، كما مر في البيع وغيره.
ويدل أيضا على عدم لزومه، الإجماع المنقول عليه، وهو حجة كما حقق في محله (1)، بل الظاهر أنه الإجماع الواقعي، لأن القرض مما يعم به البلوى، والمسلمون في الأعصار كان يكثر منهم الإقراض والاقتراض، حتى من نسائهم