فالروايات الكثيرة متفقة في المنع، وإنما ادعينا ظهور ذلك منه لأمور:
الأول: مفاد قوله: " الثمرة المسماة من أرض " (1) أن تعيينها إنما وقع بهذا القدر لا أزيد منه، وأين هذا من تعيين الشجرة وتشخيصها؟!
الثاني: صريح قوله: " فتهلك " أن الثمرات بأجمعها ليست مبيعا، وظاهر قوله: " ثمرة تلك الأرض كلها " عدم كون المبيع ثمرة شجرات بعينها وشخصها، إذ يلزم منه كون ذلك الكلام بأجمعه لغوا لا فائدة فيه للمقام أصلا، لعدم مدخلية هلاك غير المبيع في السؤال والإشكال - حينئذ - أصلا، لأن العبرة إنما هي بهلاك المبيع المعين.
الثالث: إن الظاهر من قوله: " قال: وسئل عن الرجل.. إلى آخره " وقوع هذا السؤال عقيب السؤال الأول، فبعد نهيه (عليه السلام) الصريح وتعليله عدم البأس بما علل، كيف يبقى مجال لهذا السؤال؟!
فإن قلت: لعل سؤالهم كان عن صحة المنهي عنه، وفساده، وكيفية العلاج، على فرض الوقوع والهلاك.
قلت: هذا فاسد، إذ معلوم أن سؤال الرواة عن أمثال هذه المعاملات إنما يكون غرضهم معرفة الصحة والفساد والسلطنة الشرعية في الدنيا، لا أنه هل فيها ثواب أم لا! عقاب أم لا! ولذا إذا كانوا يجابون بالمنع كانوا يفهمون عدم الصحة من جهة قرينة سؤالهم، وإن كانوا ربما يفهمون الحرمة أيضا معه، ولذا لم يعهد من أحد منهم في مقام من المقامات السؤال عن الصحة والفساد بعد ما سمعوا المنع عن المعاملة، وما ذكرنا ظاهر على المتتبع جزما.
مع أن تعليلهم عدم البأس في المقام - بما عللوا - ظاهر في أن ذلك للصحة،