في دم مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله " وأيضا لو فعل ذلك لكان ظالما فكان يدخل تحت قوله: * (ألا لعنة الله على الظالمين) * التاسع: عن سعيد بن المسيب أن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: " من حدثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين " وهو حد الفرية على الأنبياء، ومما يقوي هذا أنهم لما قالوا إن المغيرة بن شعبة زني وشهد ثلاثة من عدول الصحابة بذلك، وأما الرابع فإنه لم يقل بأني رأيت ذلك العمل. يعني فإن عمر بن الخطاب كذب أولئك الثلاثة وجلد كل واحد منهم ثمانين جلدة لأجل أنهم قذفوا، وإذا كان الحال في واحد من آحاد الصحابة كذلك، فكيف الحال مع داود عليه السلام مع أنه من أكابر الأنبياء عليهم السلام العاشر: روي أن بعضهم ذكر هذه القصة على ما في كتاب الله تعالى فقال لا ينبغي أن يزاد عليها، وإن كانت الواقعة على ما ذكرت، ثم إنه تعالى لم يذكرها لأجل أن يستر تلك الواقعة على داود عليه السلام، فلا يجوز للعاقل أن يسعى في هتك ذلك الستر بعد ألف سنة أو أقل أو أكثر فقال عمر: " سماعي هذا الكلام أحب إلي مما طلعت عليه الشمس " فثبت بهذه الوجوه التي ذكرناها أن القصة التي ذكروها فاسدة باطلة، فإن قال قائل: إن كثيرا من أكابر المحدثين والمفسرين ذكروا هذه القصة، فكيف الحال فيها؟ فالجواب الحقيقي أنه لما وقع التعارض بين الدلائل القاطعة وبين خبر واد من أخبار الآحاد كان الرجوع إلى الدلائل القاطعة أولى، وأيضا فالأصل بين الذمة، وأيضا فلما تعارض دليل التحريم والتحليل كان جانب التحريم أولى، وأيضا طريقة الاحتياط توجب ترجيح قولنا، وأيضا فنحن نعلم بالضرورة أن بتقدير وقوع هذه الواقعة لا يقول الله لنا يوم القيامة لم لم تسعوا في تشهير هذه الواقعة؟ وأما بتقدير كونها باطلة فإن علينا في ذكرها أعظم العقاب، وأيضا فقال عليه السلام: التي ذكرناها قائمة فوجب أن لا تجوز الشهادة بها، وأيضا كل المفسرين لم يتفقوا على هذا القول بل الأكثرون المحقون والمحققون منهم يردونه ويحكمون عليه بالكذب والفساد، وأيضا إذا تعارضت أقوال المفسرين والمحدثين فيه تساقطت وبقي الرجوع إلى الدلائل التي ذكرناها فهذا تمام الكلام في هذه القصة.
أما الاحتمال الثاني: وهو أن تحمل هذه القصة على وجه يوجب حصول الصغيرة ولا يوجب حصول الكبير، فنقول في كيفية هذه القصة على هذا التقدير وجوه الأول: أن هذه المرأة خطبها أوريا فأجابوه ثم خطبها داود فأثره أهلها، فكان ذنبه أن خطب على خطبة أخيه المؤمن مع كثرة نسائه الثاني: قالوا إنه وقع بصره عليها فمال قلبه إليها وليس له في هذا ذنب البتة، أما وقع بصره عليها من غير قصد فذلك لي بذنب، وأما حصول الميل عقيب النظر فليس أيضا ذنبا لأن هذا الميل ليس في وسعه، فلا يكون مكلفا به بل لما اتفق أن قتل زوجها لم يتأذ تأذيا عظيما بسبب