يصنع دقائق المحكمات من الصياغة والنساجة والكتابة شيء من الأعراض ولا الميت ولا الجماد وعلى أنه لو جاز وقوع هذه الأفعال من الشبع والري والإسكار والصحة والإسقام من الأعراض لجاز وقوعها من الموات ولو جاز ذلك لجاز أن نفعل نحن جميع ذلك لأننا قادرون عالمون مريدون فوقوع هذه الأفعال من الحي العالم القادر أقرب في عقل كل عاقل من وقوعها من الأعراض والموات وفي تعذر ذلك علينا دليل على أنه أشد تعذرا على من قصر عن صفتنا.
ولأن هذه الأمور لو كانت حادثة عن طبائع هي أعراض موجودة بهذه الأجسام المطبوعة نحو النار والطعام والشراب لم تخل تلك الأعراض من أن تكون موجودة بالأجسام عن طبيعة أو غير طبيعة فإن كانت موجودة بها عن طبيعة أخرى وجب تعلق ذلك بما لا غاية له كما بيناه من قبل وإن كانت موجودة عن غير طبيعة جاز أن تحتمل أيضا الأجسام وجود الإسكار والشبع والري عن غير طبيعة توجب ذلك وهذا يبطل إثبات الطباع إبطالا ظاهرا.
ويقال لهم أيضا خبرونا عن هذه الطبائع من أي أجناس الأعراض هي ومن أي قبيل هي فلا يجدون إلى ذكر شيء سبيلا.
ومما يدل على فساد فعل الطباع أيضا أنه لو جاز وقوع بعض الحوادث من الشبع والري والصحة والسقم واللذة والألم من طبع ليس بحي ولا قادر ولا قاصد لجاز وقوع الإرادة والنظر والكتابة ودقائق الصياغة والنجارة من طبع وعن طبع ليس بحي ولا قادر ولا عالم كما أنه لو جاز استغناء بعض الحوادث عن محدث لجاز غنى سائرها عن ذلك فلما كان جهة تعلق الإرادة بفاعل حي قادر هي كونها فعلا حادثا دون كونها إرادة ثبت أن سائر الحوادث المشاركة للإرادة في وصف الحدوث محتاجة إلى ما تحتاج إليه الإرادة من فاعل حي قادر.