التي في هذه الأشياء بزعمهم موجبة لهذه الأمور لا على أحد إيجاب العلة للحكم ولا على سبيل ما تولد عن سبب يوجبه على مذهب أصحاب التولد وقد ثبت أيضا بما قدمناه أنه لا يجوز أن تكون الأعراض فاعلة للأفعال فبطل ما يثبتونه من فعل الطبائع أو إيجابها لهذه الحوادث.
فأما ما يهذون به كثيرا من أنهم يعلمون حسا واضطرارا أن الإحراق والإسكار الحادثين واقعان عن حرارة النار وشدة الشراب فإنه جهل عظيم وذلك أن الذي نشاهده ونحسه إنما هو تغير حال الجسم عند تناول الشراب ومجاورة النار وكونه سكران ومحترقا ومتغيرا عما كان عليه فقط فأما العلم بأن هذه الحالة الحادثة المتجددة من فعل من هي فإنه غير مشاهد بل مدرك بدقيق الفحص والبحث فمن قائل إنه من قديم مخترع قادر وهو الحق الذي نذهب إليه ومن قائل يقول إنه من فعل الإنسان الذي جاور النار وتناول الشراب ومتولد عن فعله الذي هو سبب الإحراق والإسكار ومن قائل يقول إنه فعل الطبع في الجسم ولا أدري أهو نفس الجسم المطبوع أم معنى فيه ومن قائل يقول إن الطبع عرض من الأعراض.
فكيف يدرك حقيقة ما قد اختلف فيه هذا الضرب من الاختلاف بالمشاهدة ودرك الحواس ولو جاز لزاعم أن يزعم أنه يعلم صحة فعل الطبع في الجسم لما حدث من هذه الأمور اضطروا لجاز لنا أن ندعي أنا نعلم كذب مدعي ذلك اضطرارا وأنه هو مضطر إلى ذلك وهذا مما لا