فاعل بها وإن كانت على صفة ما يصح أن يفعل بها وكان هو تعالى على صفة من يصح أن يفعل بها وكان المعدوم المقدور مما يصح أن يخرج إلى الوجود ولا مانع يمنع من خروجه لأن قدرته ليست بعلة ولا سبب لمقدوره ولا موجبة له وأنتم تزعمون أن الطبع الكائن عنه العالم وكل طبع كان منه أمر من الأمور موجب لما يحدث عنه ومقتض له إذا لم يمنع من ذلك مانع فبان الفرق بين قولنا وقولكم.
وكذلك الجواب إن ألزموا هذا الإلزام في إرادة الله تعالى للأفعال وإن كانت قديمة عندنا لأنها على قولنا إرادة لكون الفعل على التراخي ولأنها ليست علة لوجود المراد فإن قالوا إن هذا الطبع القديم هو شيء حي عالم قادر ليس بموجب للفعل ولا علة له بل يفعل بالقدرة والاختيار أقروا بالحق وصانع العالم الذي نثبته وإن خالفونا في تسميته طبعا وكان هذا عندنا محظورا بالشرع.
وإن كان الطبع المحدث للعالم محدثا فلا يخلو أن يكون حادثا عن طبع أولا عن طبع فإن كان حادثا عن طبع أوجبه وجب أيضا أن تكون تلك الطبيعة كائنة حادثة عن طبيعة أخرى أوجبتها وكذلك القول في طبع الطبع أبدا إلى غير غاية وهذا يحيل وجود العالم لأنه متعلق بوجود ما لا غاية له وقد ثبت استحالة خروج ما لا غاية له إلى الوجود كما ثبتت استحالة اجتماع الحركة عن المكان والسكون في المحل الواحد معا فكما تجب استحالة وجود العالم وحدوثه لو علق باجتماع الحركة عن المكان والسكون