اليبوسة فهذه الطبائع جارية مجرى الحركة والسكون والسواد والبياض وسائر الأعراض المتضادة فيجب حدثها واستحالة كونها قديمه أو بعضا لكلية حرارة وبرودة ورطوبة ويبوسة قديمة أزلية لأن المحدث لا يجوز أن يكون بعضا للقديم كما لا يجوز أن تكون جزئيات الحركة والسكون منفصلات عن كليات قديمة فوجب القضاء على حدوث هذه الطبائع وأنها حادثة من غير طبائع فكذلك جائز حدث سائر العالم عن غير طبيعة.
وعلى أنا قد بينا أن هذه الأجناس أعراض وبينا أن الأعراض لا يجوز أن تفعل شيئا لأن الفاعل لا يكون إلا حيا عالما قادرا قاصدا إذا كان فعله محكما فلم يجز أن تكون هذه الطبائع فاعله للعالم.
ومما يدل على استحالة قدم هذه الطبائع أنها لو كانت قديمة وكان العالم حادثا عنها لوجب قدمه مع قدمها على ما بيناه من قبل إذ لا مانع يمنع من كونه معها فإن قالوا كذلك نقول قيل لهم فإذا كان الطبع قديما أزليا وكان الكائن عنه قديما أزليا فلم كان أحدهما بأن يكون موجبا للآخر وسببا له أولى من أن يكون المسبب سببا وعلة فلا يجدون في ذلك متعلقا.
وإن قالوا العالم محدث التركيب والتصوير عن اجتماع هذه الطبائع واختلاطها دون وجود ذواتها قيل لهم فخبرونا عن اختلاط هذه الطبائع وامتزاجها أهو هي أم معنى سواها فإن قالوا هو هي قيل لهم فهي قديمة الأعيان فيجب قدم تركيب العالم وتصويره لقدم الاختلاط وإن قالوا معنى سواها قيل أقديم هو أم محدث فإن قالوا قديم قيل لهم فيجب قدم التصوير والتركيب لقدم الاختلاط الموجب لذلك وإن قالوا محدث قيل لهم أفمن طبع حدث أو من غير طبع فإن قالوا من طبع غير الطبائع