الأربع أقروا بطبع خامس وتركوا قولهم وإن قالوا بغير طبع قيل لهم فما أنكرتم من جواز حدوث تركيب العالم وسائر الأشكال بغير طبع فلا يجدون من ذلك مخرجا.
ويقال لهم كيف اجتمعت هذه الطبائع الأربع وتركبت في الأجسام وهي لم تزل متنافرة متباينة حيز كل واحد في القدم غير حيز صاحبه وطبع كل شيء منها البعد عن صاحبه والنفور عنه وهل يجوز أن يجتمع شيئان أحدهما ثقيل يهوى وينزل بطبعه والآخر خفيف متصاعد بطبعه من غير جامع يجمعهما وقامع يقمعهما على الاجتماع لأن ما هذا سبيله متى لم يقهر على الاجتماع لم يزدد من الاجتماع والتقارب إلا بعدا فإن قالوا ها هنا صانع أو طبيعة قهرت هذه الطبائع على الاختلاط والاجتماع بعد التنافر والتباعد والتضاد تركوا قولهم وأثبتوا طبعا خامسا وصانعا غيرها وإن أجازوا ذلك بغير صانع ألزموا اجتماع الخفيف والثقيل والمنحدر والمتصاعد بغير سبب ولا جامع بل بسجيتهما وسوم أنفسهما ولا فصل في ذلك.
وأما اعتلالهم بأنهم لم يجدوا جسما يخلو من هذه الطبائع الأربع فوجب أن تكون الأجسام مركبة منها فإنه يوجب عليهم أن تكون الأجسام مركبة من النور والظلام والألوان والطعوم والراوئح والحركات والسكنات وسائر ما لا تنفك منه الأجسام وفي بطلان ذلك دليل على بطلان ما قالوا.