أهل التواتر لا يجوز وقوع الكذب منهم ونقل ما تحيله العقول كذب لا محالة ولو جاز عليهم ذلك لبطل العلم بخبرهم والنصارى لم تنقل التثليث ولكن تأولته على ما بيناه من قبل.
فإن قالوا: فقد نقلنا ونقلت النصارى أن المسيح قتل وصلب فيجب القطع بصحة خبرنا قيل لهم: قد قال بعض الأمة وأكثر الناس إن النقل مأخوذ عن أربعة من الحواريين لوقى ومتى ومرقش ويوحنا والأربعة يجوز عليهم الكذب وقال بعضهم: إنكم صدقتم وصدق أسلافكم في أن شخصا قتل وصلب ولكنكم توهمتم أنه المسيح لأن المقتول تحول عن صفته هذا وتقع الشبهة في أمره والخبر لا يكون موجبا للعلم حتى تكون الناقلة قد اضطرت إلى ما أخبرت عنه وزالت الشبهة فيه وإذا كان ذلك كذلك بطل ما سألتم عنه.
وكذلك الجواب عن المطالبة بصحة أعلام زرادشت إما أن نقول إنها في الأصل مأخوذة عن آحاد لأن العلم بصدقهم غير واقع لنا أو نقول إنه نبي صادق ظهرت على يده الأعلام ودعا إلى نبوة نوح وإبراهيم وإنما كذبت المجوس عليه في إضافة ما أضافته إليه من القول بالتثنية وقدم النور والظلام وحدوث الشيطان من فكرة وشكة شكها بعض أشخاص النور وهو بمنزلة كذب النصارى على المسيح عليه السلام من دعائه إلى اعتقاد التثليث والاتحاد والاختلاط وأن مريم ولدت مسيحا بلاهوته دون ناسوته وغير ذلك