مصلحة في وقت مفسدة في وقت طاعة وصوابا في وقت ومثلها معصية وسفها في وقت آخر وإذا كان ذلك كذلك بطل جميع ما يتعلقون به من هذه الأمور.
وإن هم قالوا: الدليل على منع النسخ من جهة العقل أن الأمر بالشيء يدل على أنه مراد للأمر والنهي عنه يدل على كراهته ومحال أن يكون المراد كونه لله سبحانه مكروها مع كونه له مرادا أجيبوا بمثل ما تقدم لأن المراد في وقت هو غير مثله الذي يكره في وقت آخر كما أن المراد من الأكل مع لهب الجوع غير المكروه منه مع البطنة والامتلاء والشبع التام ولا جواب عن ذلك.
وإن قالوا: الدليل على إحالة النسخ من جهة العقل أنه يوجب البداء لأن الأمر بالشيء يقتضي كونه مصلحة واعتقاد الأمر به كونه كذلك والنهي عنه بعد الأمر به يدل على أنه قد بدا للآمر وانكشف له أن ما كان أمر به مفسدة ليس بمصلحة على ما توهمه وذلك منتف عن الله جل ذكره كان الجواب عنه أيضا ما تقدم وذلك أن الله تعالى إنما نهى لما نسخ شريعة موسى عن مثل ما كان أمر به وأن يفعل ذلك في وقت غير وقت ذلك المفعول الأول والنهي عن مثل الشيء في وقته ليس بنهي عنه