يقال لهم: ولو كانت هذه الضرورة التي تدعونها صحيحة ثابتة وقد سمع المسلمون بنقلها كما سمعتم لوجب أن يكونوا مضطرين إلى العلم بصحتها وأن تكون حالهم في العلم بذلك كحالهم ولو كان ذلك كذلك لوجب أن يكون المسلمون مع كثرة عددهم وامتناع التراسل والتشاعر عليهم قد كذبوا في قولهم إنا غير عالمين بذلك ولا مضطرين إليه لأنهم عندكم مضطرون إليه ولو جاز عليهم الكذب على أنفسهم في جحد ما هم إلى العلم به مضطرون لجاز عليهم الكذب على غيرهم ولجاز أن يكونوا كذبة في سائر ما نقلوه ولجاز مثل الجائز عليهم على سائر الأمم من أهل الملل ونقلة البلدان وهذا يبطل التواتر جملة فإن مروا على ذلك تركوا دينهم وإن أبوه أبطلوا دعواهم.
ومما يدل على كذب هذه الدعوى أننا لا نعلم ضرورة أن موسى قال هذا القول جملة أعني ما ادعوه عليه من قوله: هذه الشريعة لكم لازمة ما دامت السماوات والأرض فضلا عن أن يعلم مراده به لأن العلم بمراده بالقول هو فرع للعلم بوجود القول ونحن فلا نعلم أنه قال هذا القول جملة فكيف يدعى علينا العلم بمراده ضرورة؟.
ويقال لهم: قد زعم أكثر اليهود ومن يعتمد عليه في المناظرة والمدافعة أن الذي نقل عن موسى عليه السلام في هذا الباب هو أنه قال: إن أطعتموني فيما أمرتكم به ونهيتكم عنه ثبت ملككم كما