إن شاء الله تعالى. وإذا كان ذلك كذلك علم من تولى الله خطابه أن المتكلم له بما سمعه هو القديم الذي ليس كمثله شيء وأنه الذي ينبغي أن يكون ما سمعه كلاما له دون سائر الخلق.
والوجه الآخر أنه لو كان ما سمعه الرسول أو الملك من جنس كلام الآدميين لكان الله سبحانه قادرا على أن يضطره إلى العلم بأنه هو المكلم له وأن الكلام الذي سمعه كلام له بأن يضطره أولا إلى العلم بذاته ووجوده ثم يضطره إلى العلم بأن الكلام كلامه وأن مراده به إن كان بصيغة ما يحتمل وجوها من الكلام كذا وكذا وسقط عن الرسول تكليف معرفته وفرض العلم بوجوده إذا كان قد اضطره إلى العلم به ويكلفه تحمل الرسالة وأداءها إلى من شاء من خلقه ولعل في ملائكته من هذه سبيل علمه به وبكلامه ومراده له إن لم يمنع من ذلك سمع أو توقيف ولا سمع نعرفه في ذلك يمنع منه وإذا كان ذلك كذلك بطل سؤالكم أنه لا سبيل للرسول إلى العلم بتلقي الرسالة عن الخالق.
وما أنكرتم أيضا من أن يصح علم الرسول بأن الله سبحانه هو المتولي لكلامه مع بقاء المحنة عليه وإلزام الله سبحانه إياه معرفته من وجهين أحدهما أن يجعل الخطاب له خبرا عن غيب استسره موسى عليه السلام واعتقده في نفسه ولم يطلع عليه أحدا من الخلق ويخبره