كذلك، فتأويل الآية: وحرم عليكم ما أهل لغير الله به، والمنخنقة، وكذا وكذا وكذا، إلا ما ذكيتم من ذلك ف ما إذ كان ذلك تأويله في موضع نصب بالاستثناء مما قبلها، وقد يجوز فيه الرفع. وإذ كان الامر على ما وصفنا، فكل ما أدركت ذكاته من طائر أو بهيمة قبل خروج نفسه ومفارقة روحه جسده، فحلال أكله إذا كان مما أحله الله لعباده.
فإن قال لنا قائل: فإذ كان ذلك معناه عندك، فما وجه تكريره ما كرر بقوله: وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمردية وسائر ما عدد تحريمه في هذه الآية، وقد افتتح الآية بقوله: حرمت عليكم الميتة؟ وقد علمت أن قوله: حرمت عليكم الميتة شامل كل ميتة كان موته حتف أنفه، من علة به من غير جناية أحد عليه، أو كان موته من ضرب ضارب إياه، أو انخناق منه أو انتطاح أو فرس سبع؟ وهلا كان قوله إن كان الامر على ما وصفت في ذلك من أنه معنى بالتحريم في كل ذلك الميتة بالانخناق والنطاح والوقذ وأكل السبع أو غير ذلك، دون أن يكون معنيا به تحريمه إذا تردى أو انخنق، أو فرسه السبع، فبلغ ذلك منه ما يعلم أنه لا يعيش مما أصابه منه إلا باليسير من الحياة حرمت عليكم الميتة مغنيا من تكرير ما كرر بقوله وما أهل لغير الله به والمنخنقة وسائر ما ذكر مع ذلك وتعداده ما عدد؟ وجه تكراره ذلك وإن كان تحريم ذلك إذا مات من الأسباب التي هو بها موصوف، وقد تقدم بقوله حرمت عليكم الميتة أن الذين خوطبوا بهذه الآية كانوا لا يعدون الميتة من الحيوان، إلا ما مات من علة عارضة به، غير الانخناق والتردي والانتطاح، وفرس السبع، فأعلمهم الله أن حكم ما مات من العلل العارضة وإن العلة الموجبة تحريم الميتة ليست موتها من علة مرض أو أذى كان بها قبل هلاكها، ولكن العلة في ذلك أنها لم يذبحها من أجل ذبيحته بالمعنى الذي أحلها به.
كالذي:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي في قوله: والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم يقول: هذا حرام، لان ناسا من العرب كانوا يأكلونه ولا يعدونه ميتا، إنما يعدون الميت الذي يموت من الوجع، فحرمه الله عليهم، إلا ما ذكروا اسم الله عليه وأدركوا ذكاته وفيه الروح.
القول في تأويل قوله تعالى: وما ذبح على النصب.