ثم أقبل من عام قابل حاجا قد قلد وأهدى، فأراد رسول الله (ص) أن يبعث إليه، فنزلت هذه الآية، حتى بلغ: ولا آمين البيت الحرام قال له ناس من أصحابه: يا رسول الله خل بيننا وبينه، فإنه صاحبنا قال: إنه قد قلد. قالوا: إنما هي شئ كنا نصنعه في الجاهلية.
فأبى عليهم، فنزلت هذه الآية.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة، قال: قدم الحطم أخو بني ضبيعة بن ثعلبة البكري المدينة في عير له يحمل طعاما، فباعه. ثم دخل على النبي (ص)، فبايعه، وأسلم. فلما ولى خارجا نظر إليه، فقال لمن عنده: لقد دخل علي بوجه فاجر وولى بقفا غادر. فلما قدم اليمامة ارتد عن الاسلام، وخرج في عير له تحمل الطعام في ذي القعدة، يريد مكة فلما سمع به أصحاب رسول الله (ص)، تهيأ للخروج إليه نفر من المهاجرين والأنصار ليقتطعوه في عيره، فأنزل الله: يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله... الآية، فانتهى القوم. قال ابن جريج:
قوله: ولا آمين البيت الحرام قال: ينهى عن الحجاج أن تقطع سبلهم. قال: وذلك أن الحطم قدم على النبي (ص) ليرتاد وينظر، فقال: إني داعية قومي، فأعرض علي ما تقول قال له: أدعوك إلى الله أن تعبده ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت. قال: الحطم: في أمرك هذا غلظة، أرجع إلى قومي فأذكر لهم ما ذكرت، فإن قبلوه أقبلت معهم، وإن أدبروا كنت معهم. قال له: ارجع فلما خرج، قال: لقد دخل علي بوجه كافر وخرج من عندي بعقبي غادر، وما الرجل بمسلم.
فمر على سرح لأهل المدينة، فانطلق به فطلبه أصحاب رسول الله (ص)، ففاتهم. وقدم اليمامة، وحضر الحج، فجهز خارجا، وكان عظيم التجارة، فاستأذنوا أن يتلقوه ويأخذوا ما معه، فأنزل الله عز وجل: لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ولا آمين البيت الحرام... الآية، قال: هذا يوم الفتح جاء ناس يأمون البيت من المشركين، يهلون بعمرة، فقال المسلمون: يا رسول الله إنما هؤلاء مشركون، فمثل هؤلاء فلن ندعهم إلا أن نغير عليهم فنزل القرآن: ولا آمين البيت الحرام.