موادتهم ومحالفتهم، والتمسك بحلفهم والاعتداء بهم أولياء، وأعلمهم أنهم لا يألونهم خبالا، وفي دينهم طعنا وعليه إزراء. وأما الكفار الذين ذكرهم الله تعالى ذكره في قوله:
من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء فإنهم المشركون من عبدة الأوثان نهى الله المؤمنين أن يتخذوا من أهل الكتاب ومن عبدة الأوثان وسائر أهل الكفر أولياء دون المؤمنين.
وكان ابن مسعود فيما:
حدثني به أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم بن سلام، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن ابن مسعود، يقرأ: من الذين أتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا.
ففي هذا بيان صحة التأويل الذي تأولناه في ذلك.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته جماعة من أهل الحجاز والبصرة والكوفة:
والكفار أولياء بخفض الكفار، بمعنى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، ومن الكفار أولياء. وكذلك ذلك في قراءة أبي بن كعب فيما بلغنا: من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الكفار أولياء. وقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة والكوفة: والكفار أولياء بالنصب، بمعنى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا والكفار، عطفا بالكفار على الذين اتخذوا.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان متفقتا المعنى صحيحتا المخرج، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء، فبأي ذلك قرأ القارئ فقد أصاب لان النهي عن اتخاذ ولي من الكفار نهي عن اتخاذ جميعهم أولياء، والنهي عن اتخاذ جميعهم أولياء نهي عن اتخاذ بعضهم وليا. وذلك أنه غير مشكل على أحد من أهل الاسلام أن الله تعالى ذكره إذا حرم اتخاذ ولي من المشركين على المؤمنين، أنه لم يبح لهم اتخاذ جميعهم أولياء، ولا إذا حرم اتخاذ جميعهم أولياء أنه لم يخصص إباحة اتخاذ بعضهم وليا، فيجب من أجل إشكال ذلك عليهم طلب الدليل على أولى القراءتين في ذلك بالصواب.
وإذ كان ذلك كذلك، فسواء قرأ القارئ بالخفض أو بالنصب لما ذكرنا من العلة.
وأما قوله: واتقوا الله إن كنتم مؤمنين فإنه يعني: وخافوا الله أيها المؤمنون في هؤلاء الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب ومن الكفار أن تتخذوهم