الجزية، ويفيض المال، ويقاتل الناس على الاسلام حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الاسلام، ويهلك الله في زمانه مسيح الضلالة الكذاب الدجال، وتقع الآمنة في الأرض في زمانه حتى ترتع الأسود مع الإبل والنمور مع البقر والذئاب مع الغنم، وتلعب الغلمان والصبيان بالحيات لا يضر بعضهم بعضا، ثم يلبث في الأرض ما شاء الله وربما قال:
أربعين سنة، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه.
وأما الذي قال: عني بقوله: ليؤمنن به قبل موته ليؤمنن بمحمد (ص) قبل موت الكتابي، فمما لا وجه له مفهوم لأنه مع فساده من الوجه الذي دللنا على فساد قول من قال: عنى به: ليؤمنن بعيسى قبل موت الكتابي، يزيده فسادا أنه لم يجر لمحمد عليه الصلاة والسلام في الآيات التي قبل ذلك ذكر، فيجوز صرف الهاء التي في قوله: ليؤمنن به إلى أنها من ذكره، وإنما قوله: ليؤمنن به في سياق ذكر عيسى وأمه واليهود، فغير جائز صرف الكلام عما هو في سياقه إلى غيره إلا بحجة يجب التسليم لها من دلالة ظاهر التنزيل أو خبر عن الرسول تقوم به حجة فأما الدعاوي فلا تتعذر على أحد. فتأويل الآية إذ كان الامر على ما وصفت: وما من أهل الكتاب إلا من ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى، وحذف من بعد إلا لدلالة الكلام عليه، فاستغني بدلالته عن إظهاره كسائر ما قد تقدم من أمثاله التي قد أتينا على البيان عنها.
القول في تأويل قوله تعالى: ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا.
يعني بذلك جل ثناؤه: ويوم القيامة يكون عيسى على أهل الكتاب شهيدا يعني: شاهدا عليهم بتكذيب من كذبه منهم، وتصديق من صدقه منهم فيما أتاهم به من عند الله وبإبلاغه رسالة ربه. كالذي:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج:
ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا أنه قد أبلغهم ما أرسله به إليهم.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا يقول: يكون عليهم شهيدا يوم القيامة، على أنه قد بلغ رسالة ربه وأقر بالعبودية على نفسه. القول في تأويل قوله تعالى: * (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله