وتقبيره، لان من مات مؤمنا بعيسى فقد مات مؤمنا بمحمد وبجميع الرسل وذلك أن عيسى صلوات الله عليه جاء بتصديق محمد وجميع المرسلين، فالمصدق بعيسى والمؤمن به مصدق بمحمد وبجميع أنبياء الله ورسله، كما أن المؤمن بمحمد مؤمن بعيسى وبجميع أنبياء الله ورسله، فغير جائز أن يكون مؤمنا بعيسى من كان بمحمد مكذبا.
فإن ظن ظان أن معنى إيمان اليهودي بعيسى، الذي ذكره الله في قوله: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته إنما هو إقراره بأنه لله نبي مبعوث دون تصديقه بجميع ما أتى به من عند الله، فقد ظن خطأ. وذلك أنه غير جائز أن يكون منسوبا إلى الاقرار بنبوة نبي من كان له مكذبا في بعض ما جاء به من وحي الله وتنزيله، بل غير جائز أن يكون منسوبا إلا الاقرار بنبوة أحد من أنبياء الله لان الأنبياء جاءت الأمم بتصديق جميع أنبياء الله ورسله فالمكذب بعض أنبياء الله فيما أتى به أمته من عند الله مكذب جميع أنبياء الله فيما دعوا إليه من دين عباد الله. وإذ كان ذلك كذلك، كان في إجماع الجميع من أهل الاسلام على أن كل كتابي مات قبل إقراره بمحمد صلوات الله عليه وما جاء به من عند الله، محكوم له بحكم المسألة التي كان عليها أيام حياته، غير منقول شئ من أحكامه في نفسه وماله وولده صغارهم وكبارهم بموته عما كان عليه في حياته، أدل الدليل على أن معنى قول الله: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته إنما معناه: إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى، وأن ذلك في خاص من أهل الكتاب، ومعنى به أهل زمان منهم دون أهل كل الأزمنة التي كانت بعد عيسى، وأن ذلك كائن عند نزوله. كالذي:
حدثني بشر بن معاذ، قال: ثني يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة، أن نبي الله (ص) قال: الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد، وإني أولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي. وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، فإنه رجل مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض، سبط الشعر كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل، بين ممصرتين، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع