الأرض فلما ضرب عليهم التيه، ندم موسى، وأتاه قومه الذين كانوا يطيعونه، فقال له: ما صنعت بنا يا موسى؟ فمكثوا في التيه فلما خرجوا من التيه، رفع المن والسلوى، وأكلوا من البقول. والتقى موسى وعوج، فوثب موسى في السماء عشرة أذرع، وكانت عصاه عشرة أذرع، وكان طوله عشرة أذرع، فأصاب كعب عوج فقتله. ولم يبق (أحد) ممن أبى أن يدخل قرية الجبارين مع موسى إلا مات، ولم يشهد الفتح. ثم إن الله لما انقضت الأربعون سنة بعث يوشع بن نون نبيا، فأخبرهم أنه نبي، وأن الله قد أمره أن يقاتل الجبارين، فبايعوه وصدقوه، فهزم الجبارين، واقتحموا عليهم يقاتلونهم، فكانت العصابة من بني إسرائيل يجتمعون على عنق الرجل يضربونها لا يقطعونها.
حدثني عبد الكريم بن الهيثم، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان، قال: قال أبو سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما دعا موسى، قال الله: فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض قال: فدخلوا التيه، فكل من دخل التيه ممن جاوز العشرين سنة مات في التيه. قال: فمات موسى في التيه، ومات هارون قبله. قال:
فلبثوا في تيههم أربعين سنة، فناهض يوشع بمن بقي معه مدينة الجبارين، فافتتح يوشع المدينة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال الله: إنها محرمة عليهم أربعين سنة حرمت عليهم (القرى)، وكانوا لا يهبطون قرية، ولا يقدرون على ذلك، إنما يتبعون الأطواء أربعين سنة. وذكر لنا أن موسى (ص) مات في الأربعين سنة، وأنه لم يدخل بيت المقدس منهم إلا أبناؤهم والرجلان اللذان قالا ما قالا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني بعض أهل العلم بالكتاب الأول، قال: لما فعلت بنو إسرائيل ما فعلت، من معصيتهم نبيهم، وهمهم بكالب ويوشع، إذ أمراهم بدخول مدينة الجبارين، وقالا لهم ما قالا، ظهرت عظمة الله بالغمام على نار فيه الرمز على كل بني إسرائيل، فقال جل ثناؤه لموسى: إلى متى يعصيني هذا الشعب وإلى متى لا يصدقون بالآيات كلها التي وضعت بينهم؟ أضربهم