صحة القراءة بفتح الياء في ذلك وفساد غيره، وهو التأويل الصحيح عندنا لما ذكرنا من اجماعها عليه.
وأما قوله: أنعم الله عليهما فإنه يعني: أنعم الله عليهم بطاعة الله في طاعة نبيه موسى (ص)، وانتهائهم إلى أمره، والانزجار عما زجرهما عنه (ص)، من إفشاء ما عاينا من عجيب أمر الجبارين إلى بني إسرائيل الذي حذر عنه أصحابهما الآخرين الذين كانوا معهما من النقباء. وقد قيل: إن معنى ذلك: أنعم الله عليهما بالخوف. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا خلف بن تميم، قال: ثنا إسحاق بن القاسم، عن سهل ابن علي، قوله: قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما قال: أنعم الله عليهما بالخوف.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، كان الضحاك يقول وجماعة غيره.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، قال: ثني عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما بالهدى فهداهما، فكانا على دين موسى، وكانا في مدينة الجبارين.
القول في تأويل قوله تعالى: ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون.
وهذا خبر من الله عز ذكره عن قول الرجلين اللذين يخافان الله لبني إسرائيل إذ جبنوا وخافوا من الدخول على الجبارين لما سمعوا خبرهم، وأخبرهم النقباء الذين أفشوا ما عاينوا من أمرهم فيهم، وقالوا: إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها، فقالا لهم: ادخلوا عليهم أيها القوم باب مدينتهم، فإن الله معكم وهو ناصركم، وإنكم إذا دخلتم الباب غلبتموهم. كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول، قال: لما هم بنو إسرائيل بالانصراف إلى مصر حين أخبرهم النقباء بما أخبروهم من أمر الجبابرة، خر موسى وهارون على وجوههما سجودا قدام جماعة بني إسرائيل، وخرق يوشع بن نون وكالب بن يوفنا ثيابهما، وكانا من جواسيس الأرض، وقالا لجماعة بني إسرائيل: إن الأرض مررنا بها وجسسناها صالحة رضيها ربنا لنا فوهبها لنا،