ما كان الجبارون مقيمين في تلك المدينة التي كتبها الله لهم وأمروا بدخولها. فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون لا نجئ معك يا موسى إن ذهبت إليهم لقتالهم، ولكن نتركك تذهب أنت وحدك وربك فتقاتلانهم.
وكان بعضهم يقول في ذلك: ليس معنى الكلام: اذهب أنت وليذهب معك ربك فقاتلا، ولكن معناه: اذهب أنت يا موسى، وليعنك ربك، وذلك أن الله لا يجوز عليه الذهاب. وهذا إنما كان يحتاج إلى طلب المخرج له لو كان الخبر عن قوم مؤمنين، فأما قوم أهل خلاف على الله عز ذكره رسوله، فلا وجه لطلب المخرج لكلامهم فيما قالوا في الله عز وجل وافتروا عليه إلا بما يشبه كفرهم وضلالتهم. وقد ذكر عن المقداد أنه قال لرسول الله (ص) خلاف ما قال قوم موسى لموسى.
حدثنا سفيان بن وكيع، قال: ثنا أبي، وحدثنا هناد، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن مخارق، عن طارق: أن المقداد بن الأسود قال للنبي (ص): إنا لا نقول كما قالت بنو إسرائيل: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكن نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا معكم مقاتلون.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا أن رسول الله (ص) قال لأصحابه يوم الحديبية، حين صد المشركون الهدي وحيل بينهم وبين مناسكهم: إني ذاهب بالهدي فناحره عند البيت. فقال له المقداد بن الأسود: أما والله لا نكون كالملا من بني إسرائيل، إذ قالوا لنبيهم: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، ولكن: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون فلما سمعها أصحاب النبي (ص) تتابعوا على ذلك.
وكان ابن عباس والضحاك بن مزاحم وجماعة غيرهما يقولون: إنما قالوا هذا القول لموسى عليه السلام حين تبين لهم أمر الجبارين وشدة بطشهم.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد، قال: ثنا عبيد بن سلمان، قال: سمعت الضحاك يقول: أمر الله عز وجل بني إسرائيل أن يسيروا إلى الأرض المقدسة مع نبيهم موسى (ص)، فلما كانوا قريبا من المدينة قال لهم موسى: