هشيم، عن القاسم بن أبي أيوب، ولا نعلمه أنه سمع منه، عن سعيد بن جبير أنه كان يقرؤها بضم الياء من: يخافون.
وكأن سعيدا ذهب في قراءته هذه إلى أن الرجلين اللذين أخبر الله عنهما أنهما قالا لبني إسرائيل: ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون، كانا من رهط الجبابرة، وكانا أسلما واتبعا موسى، فهما من أولاد الجبابرة، الذين يخافهم بنو إسرائيل وإن كان لهم في الدين مخالفين. وقد حكي نحو هذا التأويل عن ابن عباس.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قال: هي مدينة الجبارين، لما نزل بها موسى وقومه، بعث منهم اثني عشر رجلا، وهم النقباء الذين ذكر نعتهم ليأتوه بخبرهم. فساروا، فلقيهم رجل من الجبارين، فجعلهم في كسائه، فحملهم حتى أتى بهم المدينة، ونادى في قومه، فاجتمعوا إليه، فقالوا: من أنتم؟ فقالوا: نحن قوم موسى، بعثنا إليكم لنأتيه بخبركم، فأعطوهم حبة من عنب بوقر الرجل، فقالوا لهم: اذهبوا إلى موسى وقومه، فقولوا لهم: اقدروا قدر فاكهتهم فلما أتوهم، قالوا لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما وكانا من أهل المدينة أسلما واتبعا موسى وهارون، فقالا لموسى: ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين.
فعلى هذه القراءة وهذا التأويل لم يكتم من الاثني عشر نقيبا أحدا ما أمرهم موسى بكتمانه بني إسرائيل مما رأوا وعاينوا من عظم أجسام الجبابرة وشدة بطشهم وعجيب أمورهم، بل أفشوا ذلك كله. وإنما القائل للقوم ولموسى: ادخلوا عليهم الباب، رجلان من أولاد الذين كان بنو إسرائيل يخافونهم ويرهبون الدخول عليهم من الجبابرة، كان أسلما وتبعا نبي الله (ص).
وأولى القراءتين بالصواب عندنا، قراءة من قرأ من الذين يخافون أنعم الله عليهما لاجماع قراء الأمصار عليها وأن ما استفاضت به القراءة محجة لا يجوز خلافها وما انفرد بها لواحد فجائز فيه الخطأ والسهو. ثم في إجماع الحجة في تأويلها على أنهما رجلان من أصحاب موسى من بني إسرائيل وأنهما يوشع وكلاب، ما أغنى عن الاستشهاد على