واختلف أهل العلم في سبب تقريب ابني آدم القربان، وسبب قبول الله عز وجل ما تقبل منه، ومن اللذان قربا؟ فقال بعضهم: كان ذلك عن أمر الله عز وجل إياهما بتقريبه.
وكان سبب القبو أن المتقبل منه قرب خير ماله وقرب الآخر شر ماله، وكان المقربان ابني آدم لصلبه أحدهما: هابيل، والآخر قابيل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن هشام بن سعيد، عن إسماعيل بن رافع، قال: بلغني أن ابني آدم لما أمرا بالقربان، كان أحدهما صاحب غنم، وكان أنتج له حمل في غنمه، فأحبه حتى كان يؤثره بالليل، وكان يحمله على ظهره من حبه، حتى لم يكن له مال أحب إليه منه فلما أمر بالقربان، قربه لله فقبله الله منه، فما زال يرتع في الجنة حتى فدى به ابن إبراهيم (ص).
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا عوف، عن أبي المغيرة، عن عبد الله بن عمرو، قال: إن ابني آدم اللذين قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، كان أحدهما صاحب حرث، والآخر صاحب غنم، وأنهما أمرا أن يقربا قربانا وإن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبة بها نفسه، وإن صاحب الحرث قرب شر حرثه الكوزن والزوان غير طيبة بها نفسه وإن الله تقبل قربان صاحب الغنم ولم يتقبل قربان صاحب الحرث. وكان من قصتهما ما قص الله في كتابه، وقال: أيم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين، ولكن منعه التحرج أن يبسط يده إلى أخيه وقال آخرون: لم يكن ذلك من أمرهما عن أمر الله إياهما به. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: كان من شأنهما أنه لم يكن مسكين فيتصدق عليه، وإنما كان القربان يقربه الرجل. فبينا ابنا آدم قاعدان، إذ قالا: لو قربنا قربانا وكان الرجل إذا قرب قربانا فرضيه الله أرسل إليه نارا فأكلته، وإن لم يكن رضيه الله خبت النار. فقربا قربانا، وكان أحدهما راعيا، وكان الآخر حراثا، وإن صاحب الغنم قرب خير غنمه وأسمنها وقرب الآخر أبغض زرعه، فجاءت النار، فنزلت بينهما، فأكلت الشاة وتركت