يعني بذلك جل ثناؤه، أن موسى ذكر قومه من بني إسرائيل بأيام الله عندهم وبآلائه قبلهم، فحرضهم بذلك على اتباع أمر الله في قتال الجبارين، فقال لهم: اذكروا نعمة الله عليكم أن فضلكم بأن جعل فيكم أنبياء يأتونكم بوحيه ويخبرونكم بآياته الغيب، ولم يعط ذلك غيركم في زمانكم هذا. فقيل إن الأنبياء الذين ذكرهم موسى أنهم جعلوا فيهم هم الذين اختارهم موسى، إذ صار إلى الجبل وهم السبعون الذين ذكرهم الله، فقال: واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا.
وجعلكم ملوكا سخر لكم من غيركم خد ما يخدمونكم. وقيل: إنما قال ذلك لهم موسى، لأنه لم يكن في ذلك الزمان أحد سواهم يخدمه أحد من بني آدم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا قال: كنا نحدث أنهم أول من سخر لهم الخدم من بني آدم وملكوا.
وقال آخرون: كل من ملك بيتا وخادما وامرأة، فهو ملك كائنا من كان من الناس.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا أبو هانئ، أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص وسأله رجل، فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبد الله: ألك امرأة تأوي إليها؟ نعم.
قال: ألك مسكن تسكنه؟ قال: نعم. قال: فأنت من الأغنياء. فقال: إن لي خادما. قال:
فأنت من الملوك.
حدثنا الزبير بن بكار، قال: ثنا أبو ضمرة أنس بن عياض، قال: سمعت زيد بن أسلم، يقول: وجعلكم ملوكا فلا أعلم إلا أنه قال: قال رسول الله (ص): من كان له بيت وخادم فهو ملك.