حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بمثله.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، أن يقال: هي الأرض المقدسة، كما قال نبي الله موسى (ص). لان القول في ذلك بأنها أرض دون أرض، لا تدرك حقيقة صحته إلا بالخبر، ولا خبر بذلك يجوز قطع الشهادة به، غير أنها لن تخرج من أن تكون من الأرض التي بين الفرات وعريش مصر لاجماع جميع أهل التأويل والسير والعلماء بالاخبار على ذلك.
ويعني بقوله: التي كتب الله لكم: التي أثبت في اللوح المحفوظ أنها لكم مساكن، ومنازل دون الجبابرة التي فيها.
فإن قال قائل: فكيف قال: التي كتب الله لكم، وقد علمت أنهم لم يدخلوها بقوله: فإنها محرمة عليهم؟ فكيف يكون مثبتا في اللوح المحفوظ أنها مساكن لهم، ومحرما عليهم سكناها؟ قيل: إنها كتبت لبني إسرائيل دارا ومساكن، وقد سكنوها ونزلوها، وصارت لهم كما قال الله عز وجل. وإنما قال لهم موسى: ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم يعني بها: كتبها الله لبني إسرائيل وكان الذين أمرهم موسى بدخولها من بني إسرائيل ولم يعن (ص) أن الله تعالى ذكره كتبها للذين أمرهم بدخولها بأعيانهم، ولو قال قائل: قد كانت مكتوبة لبعضهم، ولخاص منهم، فأخرج الكلام على العموم والمراد منه الخاص، إذ كان يوشع وكالب قد دخلا، وكانا ممن خوطب بهذا القول، كان أيضا وجها صحيحا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال ابن إسحاق.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة عن محمد بن إسحاق: التي كتب الله لكم: التي وهب الله لكم.
وكان السدي يقول: معنى كتب في هذا الموضع بمعنى أمر.
حدثنا بذلك موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم: التي أمركم الله بها.
القول في تأويل قوله تعالى: ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين.
وهذا خبر من الله عز ذكره عن قيل موسى عليه السلام لقومه من بني إسرائيل، إذ أمرهم عن أمر الله عز ذكره إياه بدخول الأرض المقدسة، أنه قال لهم: امضوا أيها القوم