والفترة: الفعلة، من قول القائل: فتر هذا الامر يفتر فتورا، وذلك إذا هدأ وسكن، وكذلك الفترة في هذا الموضع معناها: السكون، يراد به سكون مجيئ الرسل، وذلك انقطاعها.
ثم اختلف أهل التأويل في قدر مدة تلك الفترة، فاختلف في الرواية في ذلك عن قتادة. فروى معمر عنه، ما:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: على فترة من الرسل قال: كان بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم خمسمائة وستون سنة. وروى سعيد بن أبي عروبة عنه، ما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: كانت الفترة بين عيسى ومحمد (ص)، ذكر لنا أنها كانت ستمائة سنة، أو ما شاء من ذلك الله أعلم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن أصحابه، قوله: قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل قال: كان بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم خمسمائة سنة وأربعون سنة. قال معمر: قال قتادة:
خمسمائة سنة وستون سنة. وقال آخرون بما:
حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد، قال:
أخبرنا عبيد بن سلمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: على فترة من الرسل قال: كانت الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم أربعمائة سنة وبضعا وثلاثين سنة.
ويعني بقوله: أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير: أن لا تقولوا، وكي لا تقولوا، كما قال جل ثناؤه: يبين الله لكم أن تضلوا بمعنى: أن لا تضلوا، وكي لا تضلوا. فمعنى الكلام: قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل، كي لا تقولوا: ما جاءنا من بشير ولا نذير. يعلمهم عز ذكره أنه قد قطع عذرهم برسوله (ص)، وأبلغ إليهم في الحجة. ويعني بالبشير: المبشر من أطاع الله وآمن به وبرسوله وعمل بما آتاه من عند الله بعظيم ثوابه في آخرته، وبالنذير المنذر من عصاه وكذب رسوله (ص) وعمل بغير ما أتاه من عند الله من أمره ونهيه بما لا قبل له به من أليم عقابه في معاده وشديد عذابه في قيامته.