وأجاز ذلك من أجاز توجيها منه إلى أنه معني به الغسل. كما:
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت هشاما يذكر عن الحسن في الرجل يتوضأ في السفينة، قال: لا بأس أن يغمس رجليه غمسا.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرني أبو حمزة، عن الحسن في الرجل إذا توضأ على حرف السفينة، قال: يخضخض قدميه في الماء.
فإذا كان في المسح المعنيان اللذان وصفنا من عموم الرجلين بالماء، وخصوص بعضهما به، وكان صحيحا بالأدلة الدالة التي سنذكرها بعد أن مراد الله من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى الغسل والمسح فبين صواب القراءتين جميعا، أعني النصب في الأرجل والخفض، لان في عموم الرجلين بمسحهما بالماء غسلهما، وفي إمرار اليد وما قام مقام اليد عليهما مسحهما، فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصبا لما في ذلك من معنى عمومهما بأمرار الماء عليهما. ووجه صواب قراءة من قرأه خفضا لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد مسحا بهما. غير أن ذلك وإن كان كذلك وكانت القراءتان كلتاهما حسنا صوابا، فأعجب القراءتين إلي أن أقرأها قراءة من قرأ ذلك خفضا لما وصفت من جمع المسح المعنيين اللذين وصفت، ولأنه بعد قوله: وامسحوا برءوسكم فالعطف به على الرؤوس مع قربه منه أولى من العطف به على الأيدي، وقد حيل بينه وبينها بقوله: وامسحوا برءوسكم.
فإن قال قائل: وما الدليل على أن المراد بالمسح في الرجلين العموم دون أن يكون خصوصا نظير قولك في المسح بالرأس؟ قيل: الدليل على ذلك تظاهر الاخبار عن رسول الله (ص) أنه قال: ويل للأعقاب وبطون الاقدام من النار، ولو كان مسح بعض القدم مجزيا عن عمومها بذلك لما كان لها الويل بترك ما ترك مسحه منها بالماء بعد أن يمسح بعضها، لان من أدى فرض الله عليه فيما لزمه غسله منها لم يستحق الويل، بل يجب