من قبلكم: الحرائر منهن، والآية عامة في جميعهن، فنكاح جميع الحرائر اليهود والنصارى جائز، حربيات كن أو ذميات، من أي أجناس اليهود والنصارى كن وهذا قول جماعة من المتقدمين والمتأخرين. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب والحسن: أنهما كانا لا يريان بأسا بنكاح نساء اليهود والنصارى، وقالا:
أحله الله على علم.
وقال آخرون منهم: بل عني بذلك: نكاح بني إسرائيل الكتابيات منهن خاصة دون سائر أجناس الأمم الذين دانوا باليهودية والنصرانية. وذلك قول الشافعي ومن قال بقوله.
وقال آخرون: بل ذلك معنى به نساء أهل الكتاب الذين لهم من المسلمين ذمة وعهد، فأما أهل الحرب فإن نساءهم حرام على المسلمين. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا محمد بن عقبة، قال: ثنا الفزاري، عن سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهم من لا يحل لنا. ثم قرأ: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه. قال الحكم: فذكرت ذلك لإبراهيم فأعجبه.
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال: عني بقوله: والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم حرائر المؤمنين وأهل الكتاب، لان الله جل ثناؤه لم يأذن بنكاح الإماء الأحرار في الحال التي أباحهن لهم إلا أن يكن مؤمنات، فقال عز ذكره: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات فلم يبح منهن إلا المؤمنات، فلو كان مرادا بقوله: والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب: العفائف، لدخل العفائف من إمائهم في الإباحة، وخرج منها غير العفائف من حرائرهم وحرائر أهل الايمان. وقد أحل الله لنا حرائر المؤمنات، وإن كن قد أتين بفاحشة بقوله: وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم، وقد دللنا على فساد قول من قال: لا