يحل نكاح من أتى الفاحشة من نساء المؤمنين وأهل الكتاب للمؤمنين في موضع غير هذا بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، فنكاح حرائر المسلمين وأهل الكتاب حلال للمؤمنين، كن قد أتين بفاحشة أو لم يأتين بفاحشة، ذمية كانت أو حربية، بعد أن تكون بموضع لا يخاف الناكح فيه على ولده أن يجبر على الكفر، بظاهر قول الله عز وجل:
والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم. فأما قول الذي قال: عنى بذلك نساء بني إسرائيل الكتابيات منهن خاصة، فقول لا يوجب التشاغل بالبيان عنه لشذوذه والخروج عما عليه علماء الأمة من تحليل نساء جميع اليهود والنصارى.
وقد دللنا على فساد قول قائل هذه المقالة من جهة القياس في غير هذا الموضع بما فيه الكفاية فكرهنا إعادته.
وأما قوله: إذا آتيتموهن أجورهن فإن الاجر: العوض الذي يبذله الزوج للمرأة للاستمتاع بها، وهو المهر. كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله: آتيتموهن أجورهن يعني مهورهن.
القول في تأويل قوله تعالى: محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان. يعني بذلك جل ثناؤه: أحل لكم المحصنات من المؤمنات، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، وأنتم محصنون غير مسافحين ولا متخذي أخدان. ويعني بقوله جل ثناؤه: محصنين: أعفاء غير مسافحين يعني: لا معالنين بالسفاح بكل فاجرة وهو الفجور ولا متخذي أخدان يقول: ولا منفردين ببغية واحدة قد خادنها وخادنته واتخذها لنفسه صديقة يفجر بها. وقد بينا معنى الاحصان ووجوهه ومعنى السفاح والخدن في غير هذا الموضع بما أغني عن إعادته في هذا الموضع وهو كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: محصنين غير مسافحين يعني: ينكحوهن بالمهر والبينة، غير مسافحين متعالنين بالزنا، ولا متخذي أخدان يعني: يسرون بالزنا.