وقد اختلف أهل العربية في وجه اتباع سواء في الاعراب للكلمة، وهو اسم لا صفة، فقال بعض نحويي البصرة: جر سواء لأنها من صفة الكلمة: وهي العدل، وأراد مستوية.
قال: ولو أراد استواء كان النصب، وإن شاء أن يجعلها على الاستواء ويجر جاز، ويجعله من صفة الكلمة مثل الخلق، لان الخلق هو المخلوق، والخلق قد يكون صفة واسما، ويجعل الاستواء مثل المستوى، قال عز وجل: * (الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد) * لان السواء للآخر وهو اسم ليس بصفة، فيجري على الأول وذلك إذا أراد به الاستواء، فإن أراد به مستويا جاز أن يجري على الأول، والرفع في ذا المعنى جيد، لأنها لا تغير عن حالها، ولا تثنى، ولا تجمع، ولا تؤنث، فأشبهت الأسماء التي هي مثل عدل ورضا وجنب، وما أشبه ذلك. وقال: * (أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم) * فالسواء للمحيا والممات بهذا المبتدأ. وإن شئت أجريته على الأول وجعلته صفة مقدمة، كأنها من سبب الأول فجرت عليه، وذلك إذا جعلته في معنى مستوي، والرفع وجه الكلام كما فسرت لك.
وقال بعض نحويي الكوفة: سواء مصدر وضع موضع الفعل، يعني موضع متساوية ومتساو، فمرة يأتي عن الفعل، ومرة على المصدر، وقد يقال في سواء بمعنى عدل: سوى وسوى، كما قال جل ثناؤه: * (مكانا سوى) * وسوى يراد به عدل ونصف بيننا وبينك.
وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ ذلك إلى كلمة عدل بيننا وبينكم.
وبمثل الذي قلنا في تأويل قوله: * (إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) * بأن السواء: هو العدل، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) *: عدل بيننا وبينكم * (ألا نعبد إلا الله) *..
الآية.
حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، في قوله: * (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا) * بمثله.