الذي هو أولى بالصحة من أقوالهم بما أغنى عن إعادته.
وبنحو ما قلنا في ذلك من التأويل، قال أهل التأويل: ذكر من قال ذلك:
حدثني إسحاق بن شاهين الواسطي، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن داود، عن عامر، قال: قالت اليهود: إبراهيم على ديننا، وقالت النصارى: هو على ديننا، فأنزل الله عز وجل: * (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا) *... الآية. فأكذبهم الله، وأدحض حجتهم، يعني اليهود الذين ادعوا أن إبراهيم مات يهوديا.
حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، مثله.
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله - لا أراه إلا يحدثه عن أبيه -: أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين، ويتبعه، فلقي عالما من اليهود، فسأله عن دينه، وقال: إني لعلي أن أدين دينكم، فأخبرني عن دينكم!
فقال له اليهودي: إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله. قال زيد: ما أفر إلا من غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا، وأنا لا أستطيع، فهل تدلني على دين ليس فيه هذا؟ قال: ما أعلمه إلا أن تكون حنيفا، قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم، لم يك يهوديا ولا نصرانيا، وكان لا يعبد إلا الله. فخرج من عنده، فلقي عالما من النصارى، فسأله عن دينه، فقال: إني لعلي أن أدين دينكم، فأخبرني عن دينكم! قال: إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله. قال: لا أحتمل من لعنة الله شيئا، ولا من غضب الله شيئا أبدا، وأنا لا أستطيع، فهل تدلني على دين ليس فيه هذا؟ فقال له نحوا مما قاله اليهودي: لا أعلمه إلا أن تكون حنيفا. فخرج من عنده، وقد رضي الذي أخبراه والذي اتفقا عليه من شأن إبراهيم، فلم يزل رافعا يديه إلى الله وقال: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم.
القول في تأويل قوله تعالى: