فإن الله سيرزقنا! فجعل جريج يرزق بمكانها، فيأتيها كل يوم من كسبه بما يصلحها، فإذا أدخله عليها وهي في الكنيسة أنماه الله وكثره، فيدخل عليها زكريا فيرى عندها فضلا من الرزق وليس بقدر ما يأتيها به جريج، فيقول: يا مريم أنى لك هذا؟ فتقول: هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب.
وأما المحراب: فهو مقدم كل مجلس ومصلى، وهو سيد المجالس وأشرفها وأكرمها، وكذلك هو من المساجد، ومنه قول عدي بن زيد:
كدمي العاج في المحاريب أو كالبيض في الروض زهره مستنير والمحاريب جمع محراب، وقد يجمع على محارب.
القول في تأويل قوله تعالى: * (قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: قال زكريا يا مريم: أنى لك هذا؟ من أي وجه لك هذا الذي أرى عندك من الرزق، قالت مريم مجيبة له: هو من عند الله، تعني أن الله هو الذي رزقها ذلك فساقه إليها وأعطاها، وإنما كان زكريا يقول ذلك لها لأنه كان فيما ذكر لنا يغلق عليها سبعة أبواب، ويخرج ثم يدخل عليها، فيجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، فكان يعجب مما يرى من ذلك، ويقول لها تعجبا مما يرى: أنى لك هذا؟ فتقول: من عند الله حدثني بذلك المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني بعض أهل العلم، فذكر نحوه.